أحقاً ستأتي تلك المرأة التي ما كان في مفكرة حياتي موعد معها؟ستأتي , بعدما لفرط انتظارها ما عدت أنتظر مجيئها.سنتان من الانقطاع, تمددت فيهما جثة الوقت بيننا, وجوارها شيء شبيه بجثتي, فقد أحببتها لحظة دوار عشقي كمن يقفز في الفراغ دون أن يفتح مظلة الهبوط, ثم.. تركتها كما أحببتها, كما يلقي يائس بنفسه من جسر بدون النظر إلى أسفل. أما كنت ابن قسنطينة حيث الجسور طريقة حياة وطريقة موت.. وحب!تلك التي لم يتخل عنها يوماً رجل,تخليت عنها, خشية أن تتخلى هي عني. كأنني القائل " رب هجر قد كان من خوف هجر\ وفراق قد كان خوف فراق".أكثر إيلاماً من التخلي نفسه, خوفي الدائم من تخليها عني.عكس العشاق الذين يستميتون دفاعاً عن مواقعهم ومكاسبهم العاطفية, عندما أغار أنسحب, وأترك لمن أحب فرصة اختياري من جديد.كنت رجل الخسارات الاختيارية بامتياز. ما كان لي أن أتقبل فكرة أن تهجرني امرأة إلى رجل آخر.أنا الذي لم أتقبل فكرة أن يكون أحد قد سبقني إليها. كيف لي أن أطمئن إلى امرأة تزرع داخلي مع كل كلمة حقولاً من الشك.أذكر يوم سألتني لأول مرة إن كنت أحبها, أجبتها:- لا أدري.. ما أدريه أنني أخافك.في الواقع كنت أخاف التيه الذي سيلي حبها, فمثلها لا يمكن لرجل أن يحب بعدها دون أن يقاصص نفسه بها.يومها, فكرت أنني لا يمكن أن أواجه الخوف منها إلا بالإجهاز عليها هجراً. وكان ثمة احتمال آخر: اعتماد طريقتها في القتل الرحيم داخل كتاب جميل. فقد حدث أن أهدتني ما يغري بالكتابة. أشياء انتقتها بحرص أم على اختيار اللوازم المدرسية لطفلها يوم دخوله الأول إلى المدرسة.وكنت بعد موت عبد الحق بأسبوعين, صادفتها في مكتبة في قسنطينة تشتري ظروفاً وطوابع بريدية لتبعث رسالة إلى ناصر في ألمانيا. كانت تمسك بيدها دفتراً أسود, قالت مازحة إنها اشترته لأنه تحرش بها. سألتني فجأة:- إن أهدينك إياه, هل ستكتب شيئاً جميلاً؟قلت:- لا أظنني سأفعل.. ستحتاجين إليه أكثر مني.لم تعر جوابي اهتماماً, توجهت إلى البائع تطلب منه عدة أقلام سيالة من نوع معين. قالت وهي تمدني بها " أريد منك كتاباً" كما لو قالت " أريد منك طفلاً". فهل كانت تريد أن تستبقيني بكتاب, كما تستبقي امرأة زوجاً بطفل؟ أم كانت تهيئني للفراق الطويل؟سألتها متوجساً مراوغة ما:- ما مناسبة هذه الهدية؟ردت مازحة:- بإمكاننا متى شئنا أن نخترع مناسبة . سأفترض أنه عيد ميلادك.. إني ألدك متى شئت من المرات.كانت الأمومة خدعتها الجميلة, كخدعة أبوتي لها.أمدتني بالدفتر وقالت:
- Bon anniverssaire!
لم يكن بإمكانها أن تقول هذه الأمنية إلا بالفرنسية أو بالفصحى.. فليس في اللهجة الجزائرية صيغة ولا تعبير بإمكانك أن تتمنى به لأحد عيد ميلاد سعيداً. بينما تفيض هذه اللهجة بمفردات التعازي والمواساة.!ضحكت للفكرة. وجدتها تصلح بداية لكتاب يشرع جزائري في كتابته يوم عيد ميلاده. لكنني لك أكتب شيئاً على ذلك الدفتر الذي أهدتني إياه, والذي نسيت أمره عندما ذهبت للإقامة في " مازافران". ولم أعثر عليه إلا منذ مدة قريبة, والأصح أنني أنا الذي بحثت عنه.لتكتب, لا يكفي أن يهديك أحد دفتراً وأقلاماً, بل لا بد أن يؤذيك أحد إلى حد الكتابة. وماكنت لأستطيع كتابة هذا الكتاب, لولا أنها زودتني بالحقد اللازم للكتابة. فنحن لا نكتب كتاباً من أجل أحد , بل ضده.
هناك 6 تعليقات:
عنوان البوست له ابعاد عميقة أوووي وإسقاط يا نور
:)
تدوينه جميله
قرات هذا الكتاب:)
بانتظار جديدك
تمنياتي بالتوفيق :)
احلام
تحسي فيها انك انتي
كتابها ذاكرة الجسد شدني جدا
لدرجة ان طارق لما كنا مخطوبين كان مضايق مني
ويوقلي بتصرفي كتير
وبتقري الروايه دي اكتر ما بتهتمي بحاجات تانية
وفي يوم بعد جوازنا حطيتله الكتاب في شنطة شغله عشان يقراه وهو في اتوبيس الشركة
كان زعلان اوي لما قرب من نهايتها
انسانة رائعه بتوصف احساس الراجل كانها هو
بحس انها نا
او بمعني ادق بشوف نفسي في كتابتها
تسنيم
طبعا ليه اسقاط
انتى فاهمه كل حاجة
:))
اقصوصه
منورى ان شاء الله الجديد قريبا و القديم كان
:)))
سمراء النيل
انجى
ياااااااه وحشتينى
هاتى لطارق باقى الثلاثيه
فوضى الحواس وعابر سرير عشان ميزعلش
فى كمان ديوانيين شعر
على مرفأ الايام و الكتابه فى لحظه عرى
:)))))
انت فين يا عاصف؟
مدونتك جميلة جدا...
مررت عليها سريعا..و لى معها وقفة اخرى
تحاتي
إرسال تعليق